قدم الآن

هرب ولم يعد. لم يلتفت للوضع الذي سيترك فيه زوجته، ولم يفكر في مستقبل أبناءه. ولكنه إلى الأن لم يدرك أنه ترك امرأة حديدية وذرية طيبة. بدرية، التي تركها زوجها مع خمسة أطفال، كان الحظ حليفها في عام 1993، حيث سارع جيرانها بتوجيهها إلى مسجد قريب منها يقدم تمويلا خيريا، استطاعت به بدء مشروعها في البيت. ولأن بدرية لا تحبذ الخروج من البيت كثيرا، أخذت من “الدلالة” مصدرا رئيسيا للرزق.

 تذهب بدرية مرتين في الشهر إلى بائعي الجملة بمنطقة وسط القاهرة والعتبة لشراء ما أوصاها به زبائنها، والذين عادة ما يكونوا ممن يجهزون بناتهن للزواج. فغالبا ما تقوم بدرية بشراء الأجهزة المنزلية وأدوات المطبخ والمفارش والأغطية وأواني الطهي وتبيعها بالتقسيط لزبائنها الموثوق فيهم. بعد ما قررت الابتعاد عن التجارة مع جيرانها لأنهم يستغلون المعرفة السابقة بينهم في تأخير السداد.

انضمت بدرية لمؤسسة التضامن للتمويل الأصغر عام 2008، واستطاعت أن تزيد من رأس مالها بالتدريج. ولأنها وصلت في تعليمها إلى الابتدائية، ابنتها الكبرى تقوم بمهام تسجيل حسابات البيع والشراء. نجحت بدرية في إلحاق جميع أبنائها في المدارس إلا ولد واحد لم يفلح، فألحقته بورشة “ألوميتال” حتى أصبح الأن مهندس يملك ورشته الخاصة. ولأنها استثمرت سنوات من الجهد والتعب في أبنائها، كافئوها برحلة حج خلال شهر رمضان الماضي. وتحلم بدرية بأن يصل حجم تعاملاتها الشهرية إلى 100 ألف جنيه يوما ما.

1788

ملكة الألوان

١٤ / فبراير / ٢٠١٩

1766