قدم الآن

إنها ليست امرأة اعتيادية نقابل أمثالها يوميا. إنها امرأة مصرية من الفولاذ، لا تمتلك عضلات أو درع ولكنها تتحلي بوجه ساطع مفعم بالحيوية والأمل في الغد. تحلت بالجرأة لرفض الواقع المرير المليء بضغوط المجتمع على السيدة المصرية. إنها نادية، تلك السيدة الندية، الجدعة ذات الابتسامة التي ترطب وجهها ولا تغادر روحها العطرة.
نادية 53 عاما، متزوجة، لديها من الأطفال خمس إلى جانب استضافة بنت يتيمة. وجه نادية البرونزي المجعد يحكي عن 35 عاما من الكفاح وتحمل طيات كفيها المجروحة الخشنة شقائها وتحملها ما لا يمكن للرجال ان تقوم به من التعامل مع تجفيف الأزهار وصبغها في الموقد المشتعل.
تحكي نادية قصة شقائها:” أنا يتيمة الأبوين ولم أذهب قط إلى المدرسة، تزوجت في سن صغير وبسبب الأحوال الاقتصادية المتردية اضطررت للعمل والسباحة عكس تيار التقاليد القروية. بدأت بصناعة وبيع المشنات والسلال المصنوعة من التمرحنة في القاهرة. وبتوفيق من الله عز وجل قابلت شخصا أوحى لي بفكرة تجفيف الأزهاروصباغتها بما إني أسكن بجانب الحقول حتى اكتسبت الكثير من الخبرة التي تؤهلني إلى التحكم بدرجات الألوان في الصباغة”
ذاع صيت نادية في مجالها ووثق بها التجار حتى غطت الوجه البحري والقبلي. وكبرت شبكتها من المشتريين في محافظات مصر المختلفة مثل القاهرة الكبرى، الإسماعيلية، بورسعيد والإسكندرية. وفي عام 2017، زارت نادية فرع مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر في طوخ وتقدمت بطلب مبلغ 10 الاف جنيها وفعلا تحقق ذلك في مدة قصيرة مما أتاح لها فرصة التوسع بمشروعها بعد ان تم شراء المزيد من المواد الخام وتصفية مديونتها للتجار بالكامل. تقول نادية:” التضامن جلبت لها الحظ والرزق، لقد أصبحت غنية واشتريت لأول مرة أساور وخاتم من الذهب عيار 21 ”
عندما سُئلت عن أسرار النجاح ذكرت نادية ان الجدية، وحب العمل والتفاني فيه جعلوها تستيقظ يوميا فجرا بانتظام لتحضير الصبغات والإشراف علي الفلاحات الصغيرات لجمع الأزهار المناسبة من الحقل. “انا أحب مجال عملي ومن المستحيل أن أتركه لأنه ساعدني على إيجاد هويتي وتحقيق ذاتي فبنيت منزلا كبيرا ومازالت أساعد جميع أولادي ماديا حتى بعد زواجهم” قالت نادية بعيون مرهقة مغرورقه بالدموع.
“أعشق تجمع الفلاحين المعتمدين علي في الإنفاق على بيوتهم حولي ولا انتظر من أي شخص الشفقة أو المساعدة وأتمنى أن يحافظ أولادي على استمرارية مشروعي. وأنصح كل امرأة بمعرفة نقاط قوتها وحسن استغلالها وتنميتها ولا تخنع للظروف المادية السيئة. كوني مصدر السعادة لأسرتك”