قدم الآن

“أنا عايزة أؤمن مستقبل ابني”.. هذا دافعها الرئيسي الذي طالما واجهت امتحانات الحياة لتحقيقه. “أم شريف” البالغة من العمر 68 عاما، انفصلت عن زوجها حين بلغ “شريف” عمر السنة والاربعة أشهر والسبب الرئيسي كان تشخيص حالة ابنها الوحيد بالإعاقة الحركية العصبية بنسبة 5% فلم تيأس، وعملت “أم شريف” بمصانع الملابس الجاهزة وشركات إنتاج شرائط الكاسيت والمطابخ، إلى أن بادر أصحاب المصانع بإعطائها البضائع المرتجعة من المحال التجارية لتبيعها من البيت وتزيد من دخلها. وهكذا تعلمت “أم شريف” أصول البيع والشراء.

لم تكمل “أم شريف” تعليمها ولكن وصلت إلى الصف الثالث الاعدادي، وهذا ما مكنها من مساعدة “شريف” إلا أن تخرج من الجامعة. نجحت “أم شريف” في توفير لقمة العيش لابنها، ورد “شريف” جميل والدته بحصوله على ليسانس الآداب قسم تاريخ من جامعة القاهرة عام 2012. كما حصل أيضا على شهادة معتمدة من الجامعة ذاتها في صيانة وتجميع الحاسب الآلي. والأن “شريف” متفرغ للعمل مع والدته.

انضمت “أم شريف” لمؤسسة التضامن للتمويل الأصغر عام 2008، حتى استطاعت أن تبني كشك خشبي بجانب بيتها باسم ابنها بعد أن أمضت سنوات من العمل ببيع الملايات والفوط لجيرانها من البيت. فبعد أن أخذت موافقة من الحي، قام أهالي المنطقة العام الماضي بمساعدتها في البناء بدون مقابل. يأتي مندوبو شركات الأغذية والعصائر والمنتجات الأخرى بشكل دوري لتزويد الكشك بما يلزم من بضائع، وتباعا فإن مكسب “أم شريف” يومي. موقع الكشك يعد استراتيجيا جدا، على حد قولها. حيث تقع مدرسة ابتدائية على يمين المشروع، وقهوة بلدي في الناحية المقابلة. فيقبل عليها مختلف أنواع الزبائن. بالإضافة لموسم رمضان، حيث يتسحر الجيران جميعا في الشارع، فيأخذوا منها العصائر والالبان.

بناء الكشك لم يكن لمجرد المكسب المادي، ولكن “أم شريف” تهبه لابنها حتى يكون سندا ودعما له بعد الرحيل. وعن أحلامها، فهي تأمل أن تخصص التمويل القادم لشراء ثلاجة أخرى، وتحلم أن تزوج “شريف”، ولكنها صرحت بمرح بأنه إذا أتت لها فرصة لأداء مناسك العمرة، لن تهتم إذا “شريف” تزوج أم لا.

1788

ملكة الألوان

١٤ / فبراير / ٢٠١٩

1766